الأساليب الحديثة في إدارة الجامعات (أ.د. عبدالوهاب عبدالله المعمري)

يؤدي التعليم العالي دوراً مؤثراً في حياة الدول وتقدم اقتصاداتها ومستويات معيشة مواطنيها. ويتوقف ذلك الدور على مدى تطور نظم التعليم العالي وتقنياته وأساليبه، وتوافقها مع المستويات العلمية المتصاعدة والتطورات السياسية والمجتمعية والاقتصادية في عالم اليوم، ومنها التحولات المتمثلة في شيوع أفكار ودعاوى العولمة وترسخ "مجتمع العولمة" وسيطرة النظم والمؤسسات الداعمة لتوجهاتها ومبادئها من جانب، ومن جانب آخر سيادة نظم وتقنيات وأساليب تداول منتجات العلوم والتطوير التقني ونشأة "مجتمع المعرفة".

 إن الأساليب الإدارية التي تُدار بها بعض جامعاتنا تُعد تقليدية وغير فعالة، ويعوزها تطبيق مفاهيم الإدارة الحديثة، وهذا يستلزم انتقال الإدارة الجامعية من الأساليب التقليدية التي لم تعد مجدية في عالم اليوم - والتي تتسم بالبيروقراطية والأساليب العتيقة وتعيق بالتالي التقدم العلمي فيها- إلى الاساليب الحديثة لتصبح هذه الجامعات أكثر علميه للحاق بركب التقدم كباقي الأمم التي سبقتنا في هذا المجال، وهذا يستدعي المناداة بالتغيير في المفاهيم الإدارية الجامعية في كل المستويات، من قمه الهرم الأكاديمي إلى كل الوحدات الأكاديمية والإدارية وجميع العاملين عليها.

إن الإدارة العلمية الحديثة لها دور مهم ورئيسي في المؤسسات الأكاديمية، وهي تعتبر من أهم العوامل التي تكفل نجاح هذه المؤسسات وتطورها، وقد ازدادت أهمية الإدارة الحديثة مع التطورات العلمية والتقنية التي شهدها العالم في الآونة الأخيرة وخاصة مع زيادة المنافسة بين الجامعات وبين التخصصات والبرامج المطروحة فيها؛ حيث تسعى الجامعات إلى تحقيق التطور والتقدم والعالمية والاستمرارية وبناء شراكات حقيقية وفعالة مع المجتمع وقطاعاته المختلفة الإنتاجية والخدمية وغيرها، ولا نقصد بهذا التوصيف استخدام التكنولوجيا فحسب؛ ولا يقف الأمر عند ذلك فهي تحتاج إلى إعادة النظر في الأساليب والممارسات التي تقودها والتي يتبناها القائمون على الإدارة الجامعية فيها.

تتنوع الأنماط الإدارية التي يغلب العمل بها في الإدارة الجامعية والتي يجب أن تكون حديثة، وفيما يلي رؤية استشرافية للأنماط التي نرى أنها توفر مناخاً إيجابياً في الجامعات، وذلك على النحو التالي:

أولاً: النمط المرتبط بالإدارة الاستراتيجية أو ما يعرف بالإدارة بالأهداف، وبالتالي في هذا النمط يقسم الهدف الاستراتيجي في رسالة المؤسسة إلى عدد من الأهداف التكتيكية توزع على كليات ووحدات الجامعة.

ثانياً: الإدارة بالرؤية المشتركة، وهذا الأسلوب بسيط في متطلباته عميق في أثره، والإدارة بالرؤية أو الإدارة المكشوفة، يتم فيها العمل بالوسائل والأهداف بشكل شمولي تنتقل فيها رؤية المؤسسة الجامعية إلى عقل وضمير ووجدان القائمين على رسالتها على اختلاف مستوياتهم التنفيذية والإدارية، وفي هذه الحالة لا تقسم الأهداف الاستراتيجية لكن تقسم أدوار وأدوات الوصول الى هذه الأهداف، وتطلق الطاقات وتعطى الحريات لكل العاملين بالمؤسسة الجامعية لها للعمل حسب ما يتراءى لهم بهدف الوصول إلى الهدف الأسمى المنشود، وهو تنمية وتطوير الثروات البشرية بشكل حقيقي لا يعتمد فقط اجتياز الامتحانات والحصول على الشهادات بل على عمليه متكاملة وشاملة تجمع بين المعرفة والمهارة والكفاية.

وهذا التطور يؤكد أنه لم يعد من المقبول في جامعاتنا اليوم استخدام الأساليب التي تعتمد على الروتين والبيوغرافيا والتي عفى عليها الزمن في ظل ثورة تكنولوجية ومعرفية ورقمية مصحوبة بالذكاء الاصطناعي والتطور العلمي في شتى المجالات، ولهذا فإن هذه الجامعات أمام تحد وجودي، ولهذا يرى بعض الباحثين أن الجامعات التقليدية والجامعات البسيطة والجامعات التي لم تستطع تجاوز بوتقة الأساليب القديمة سوف تنتهي في المستقبل القريب وستبقى تلك الجامعات التي تستطيع التعامل مع البشر والتكنولوجيا وتوظيف التكنولوجيا في خدمه الأهداف التعليمية، وستكون هذه الجامعات محدودة من حيث الأعداد ولكنها تستوعب طاقات بشرية هائلة فتدمج ما بين التفكير العلمي واستخدام التقنية.

ولم يعد من المقبول في جامعاتنا العودة الى السجلات الكثيرة الورقية أو الالكترونية في متابعه الأداء الأكاديمي والإداري وأداء الطلبة؛ لإن استخدام البرامج والتطبيقات التقنية يسر وبسط ذلك ووفر الوقت والجهد وحقق نتائج أفضل.

لم يعد من المقبول في جامعاتنا -أيضاً- التركيز على المهارات المعرفية الدنيا لدى الطلبة والتعامل معهم بالأساليب التي تتعامل معهم كمتلقي فقط، بل يجب التعامل مع الطالب كقدرة ذهنية واستثمارية ومعرفية، يمكن الانطلاق بها لإخراج أفضل ما لديها.

لم يعد من المقبول اليوم في جامعاتنا أن نتعامل مع الأكاديمي أو الإداري فيها باعتباره عاملاً أو موظفاً، بل يجب أن يكون شريكاً حقيقياً في تبني الرؤى والاستراتيجيات وتحقيق الأهداف، وأيضا فيما يتعلق بالنتائج المادية وغير المادية للجامعة.

لم يعد من المقبول اليوم في جامعاتنا تهميش المبدعين والمفكرين والمخترعين والمبتكرين وأصحاب الرؤى والإلهام والاعتماد على من يعوزهم كل ذلك، ويفتقدون كل ذلك لان القدرات البشرية في تفاوت وكل ميسر لما خلق له

الاساليب الحديثة في ادارة الجامعاتpdf

بيانات الاتصال

  • الهاتف : 00967777721955
  • الهاتف : 00962779116272
  • البريد الالكتروني :info@sdasmart.org
  • البريد الالكتروني : sdasmart01@gmail.com
  • أكاديمية التطوير العلمي : Sd4jordan8@gmail.com
  • مجلة التطوير العلمي للدراسات والبحوث JSD: jsd@sdasmart.org
  • صنعاء – الجمهورية اليمنية

 

القائمة البريدية

© Copyright Sama Dorob. Designed and Developed by Realweb